Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 6 avril 2018

Antéislam postmoderne 9

حديث الجمعة: محمد الإسلام ومحمد المسلمين


في «رمل وزبد» يكتب جبران خليل جبران أنه «مرّة كل عام، في بستان بين تلال لبنان، يلقى عيسى الناصري عيسى النصارى ويتحادثان طويلا، وفي كل مرة يمضي عيسى الناصري وهو يقول لعيسى النصارى: «يا صديقي، إني لأخشى ألا نتفق أبدا.. أبدا». 
كما تبيّنه جبران في المسيحية، يمكننا أن نجد في الإسلام النبي الصحيح، وهو محمد الإسلام، ونبي المسلمين، وهو نبي العموم ونتاج الفقهاء. فليست سنة محمّد ولا رسالته ما نراه من إسلام الفقهاء. 
وهذا يؤكده ما نقرأ مثلا في كتاب الموافقات لصاحب نظرية مقاصد الشريعة حين يقول: «وجدت نفسي غريبا في جمهور أهل الوقت لكون خططهم قد غلبت عليها العوائد، ودخلت على سننها الأصلية شوائب من المحدثات الزوائد». ومما يستشهد به الإمام الشاطبي، ما «رُوي عن أبى الدرداء أنه قال: لو خرج رسول الله (صلعم) عليكم ما عرف شيئا مما كان عليه هو وأصحابه إلا الصلاة، قال الأوزاعي: كيف لو كان اليوم؟ قال عيسى بن يونس: فكيف لو أدرك الأوزاعي هذا الزمان؟». وأضيف أنا: وكيف لو أدرك السلف زمننا الراهن؟   
محمّد، نبي الإسلام:
إن روح محمّد، إذ الروح لا تموت وهي في حياة دائمة، لو عادت اليوم إلى أرض الإسلام لناجت أهل الإسلام على الأرض التونسية حيث توقّفت ساعة التاريخ، ولاشك أنها ستدعوهم إلى العودة للإسلام الذي أتى به رحمة للعالمين، فإذا به أصبح نقمة على العالمين! فدين محمد دين الحرية المطلقة والتحرر من كل قيد سوى التسليم لله الرحمان الرحيم الذي لا واسطة بينه وبين عبده.
فليس في دينه لأي فقيه عرف تعاليم الله أن يتحكم في إيمان المسلمين، بل وضميرهم ونيتهم الحسنة، إذ يغيب عنه، ضرورة، الشيء الأكثر من حكمة الله الواسعة مما يدّعي معرفته. هذا هو الإسلام الذي لا بد أن يحين الوقت لتجديده، إذ نحن على رأس قرن جديد وعلى أرض سمحة متسامحة، أرض تونس الإمتاع والمؤانسة، الأرض الطيبة الثرى، السخية بتربة أوليائها ودماثة أخلاق بناتها وأبنائها.
ولعل للروح الزكية لنبي الإسلام إضافة أن المسلم التقي هو الذي تقواه في قلبه وتصرفاته لا في جوارحه؛ إذ المسلم ليس آلة تتحرّك حسب شعائر، بل هو في كسبه ومقولته ونيّته؛ فلا إيمان له في دين محمد الإسلام إن انعدم من ذلك العدل ومكارم الأخلاق.   
إسلام محمّد: 
إسلام محمّد هو الإسلام الروحي الذي عرفه وعرّف به أهل التصوف. إنه دين الحب كما بيّنه ابن عربي إذ قال: 
لقد صار قلبي قابلا كل صورة *** فمرعى لغزلان ودير لرهبان
 وبيت لأوثان وكعبة لطائف *** وألواح توراة ومصحف قرآن 
أدين بيدن الحب أنّى توجهتْ *** ركائبه فالحب ديني وإيماني
والإسلام الصحيح هو أيضا كما تغنّى به شاعر التصوف المصري ابن الفارض في تائيته الكبري أو نظم السلوك: 
وما عقد الزنّار حكما سوى يدي *** وإن حُل بالإقرار فهي حلّتِ 
وإن نار بالتنزيل محراب مسجد *** فما بار بالإنجيل هيكلُ بيعةِ
وأسفار توراة الكليم لقومه *** يناجى بها الأحبارُ في كل ليلة
وإن خرّ للأحجار  في البُدّ عاكف *** فلا وجه للإنكار بالعصبية 
فقد عبد الدينار، معنىً، مُنزّهُ *** عن العار بالإشراك بالوثنية    
محمّد، نبي المسلمين:   
خلافا لما تصوّره صاحب رائعة «النبي»، لا يلتقي بأرض تونس الاستثناء محمد الإسلام بمحمد المسلمين، لأنه لا روح إلا لمحمد واحد، بينما محمد المسلمين، أي الرسول كما تخيّلته العامة، هو صورة من استنباط الفقهاء وخدم الساسة، ذبان البلاطات، بما فيها الإعلامية اليوم؛ فلا حقيقة لها.
إن تواجد روح محمد الإسلام بأرض تونس ليبدد خرافة محمد المسلمين هذا الذي قرنوا اسمه بالله مألهينه في ثنائية تحاكي تثليث النصارى. فمحمد أصبح عند المسلمين بمثابة المسيح، يُحتفل بميلاده وتقلّد حركاته وسكناته بينما هي من طبيعته البشرية، إذ لا سنة إلا في حديثه عندما يتناسق مع لفظ وروح الفرقان.      
إسلام المسلمين:
إسلام المسلمين اليوم ليس إسلام محمّد، بل هو إسلام الفقهاء وقد كان معظمهم من الموالي، كما بيّن ذلك ابن خلدون؛ ففقههم إذن يدين باليهودية والمسيحية أكثر منه بالإسلام، وذلك ما عُرف في التاريخ الإسلامي بالإسرائيليات. 
لذلك، اختلق المسلمون كنيسة في الإسلام، كما اختلقها في المسيحية رجال الدين، إذ الكنيسة من صنع البشر، كما يقول جبران خليل جبران الذي يكتب في «الأرواح المتمرّدة» : «نعبد ونصلّ حسب مشيئة نفوسنا، لا مثلما يريد الرهبان والقساوسة!» أو كما يقول في «الكواكب»: « أعطني الناي وغن.. فالغُنا خيرُ صلاة». هذا هو الإسلام، السلام الروحي والمادي؛ لذا هو سرمدي!    

نشر على موقع أنباء تونس