Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 23 mars 2018

Dynamisme organique 2

حديث الجمعة: تونس بين الاستقلال والتبعية


هل يمكن اليوم الاحتفال باستقلال بلاد صغيرة في موقع تونس بعد ما عرفناه من تاريخها وما نعرفه من واقع حالها اليوم حيث تُعاد كتابة تاريخ تونس العثمانية؟ وهل يزال للاستقلال معنىً في ظل العولمة وما نراه من اكتساحٍ للبلاد من طرف رأس مالٍ متعجرف يستغل كل شيء من أجل مصالحه المركنتيلية بما في ذلك الدين، مستغلاّ قراءة متزمتة لا صحة لها ولا علاقة بإيمان الشعب التونسي المتفتح المسالم؟   
دولة تونس العثمانية بالأمس:
إن بداية بناء الدولة والمجال السياسي الحديث بتونس تم مع نهاية القرن السادس عشر تزامنا مع التحولات الهامة التي عرفها ذلك القرن ومفتتح القرن الموالي حيث تم تثبيت الطابع التركي بالبلاد، الشيء الذي قلّص من نفوذ القبائل نظرا لمركزة الدولة حول عاصمة، هي مدينة تونس، التي لم تعد تعني فقط الحاضرة بل كل إفريقية. 
رغم هذا التحّول حسب مفهوم الدولة الحديث الذي يتمثّل خاصة في النفوذ المالي المفروض بالقوة على الشعب، لم تكن الدولة إلا عبارة عن نفوذ بلاط الحكّام بها ومن يسهر على مصالحهم ويرعاها في نطاق خدمة أغراضه الخاصة، سواء كان ذلك من طرف رأس المال المركنتيلي الخارجي أو مراكز النفوذ الاقتصادي الداخلي المتمثلة في أعيان المدن وزعماء القبائل. 
هكذا كانت الدولة التونسية بعد دخول الأتراك إليها، سنة 1574، بتعلّة الدفاع عن الإسلام ودحر الإمبراطويرة الإسبانية؛ فالاحتلال التركي امتدّ عبر طبقة حاكمة تجذّرت سياسيا واجتماعيا في المجتمع التونسي بدون أدنى شك، إلا أنها انعدمت فيها الروح التونسية الخالصة التي بقيت عصيّة عليها لما فيها من حريةٍ وتعلقٍ بالانعتاق، كما أتت به القبائل العربية عند الفتح فتلاقح مع نفسية السكّان الأصليين للبلاد، الأمازيغ، وهم الرجال الأحرار. فالتونسي، عربيا أو أمازيغيا، يقدّس الحرية!            
تونس العثمانية اليوم: 
لا تمانع اليوم من الاعتراف بالطابع التركي الذي ينتهجه الحزب الحاكم فعليا في البلاد، أي حزب االنهضة الإسلامي، الساعي لعثمنة البلاد التونسية والقضاء تدريجيا على كل ما بقي فيها من الإرث البورقيبي؛ ففعل الغنوشي حاضرا فيه ليماثل عمل الرئيس التركي الحالي مع إرث أتاتورك.
ولا شك أن في هذا الخطأ الجسيم للزعيم الإسلامي بتونس، إذ لا شبه بين الزعيم التونسي والزعيم التركي. فبورقيبة، رغم انحيازه السافر للغرب، لم يكن لائكيا بالمعنى الغربي، بل بالمعنى الاشتقاقي للكلمة، أي أنه أخذ بما ميّز العموم بتونس، وهو الدين كثقافة. فلئن سعى بورقيبة لتغيير القراءة االخاطئة للإسلام وهجّنها، فهو لم يقلّد أتاتورك البتة الذي كان مهدّما أكثر منه مصلحا للإسلام في تركيا الحديثة. لقد اعتمد بورقيبة على الإسلام وعمل على قراءته قراءة أكثر سلامة من قراءة أهل التزمت، هذه القراءة الهجينة، المناهضة لروح الإسلام الحقّة، التي نراها بتونس العثمانية اليوم.            
حتى تكون تونس حقا مستقلة:   
إنه لا مناص لتونس، حتى تستعيد الشيء القليل من استقلالها، في عدم رفض ما يتحتّم عليها من واقع العالم اليوم، وهو الانخراط في الدورة الليبيرالية العالمية. إلا أن عليها ألا تفعل ذلك دون ضوابط وقواعد أخلاقية، أولها عدم القبول برأسمالية متوحشة، هذه التي يريد الغرب فرضها على البلاد معتمدا في ذلك على أهل الإسلام المتزمّت الذين همّهم أسلمة المجتمع حسب فهمهم الأخرق لدين محمّد.
فتونس تحمل في متخيّل شعبها ولاوعيه الجماعي هذا التعلّق المكين بالروحانيات الإسلامية كما عرفته الصوفية وعاشه أهل التصوّف، وهو الإسلام الصحيح في مقاصده ورحه، لا فقط في نصه الذي لا قداسة له إذا لم يتناغم مع مصالح العبد ومقتضيات تطور الحياة حسب سنّة الله في خلقه.
إن الإسلام التونسي الصحيح لهو تجذّر في دينٍ سلمي مسالم، متفتّح على العالم؛ لذا، فهو تجذّر حيوي، لا يفتأ عن التطور ليكون دوما ثوريا كما كان؛ أي هو الرفض المستدام لأي تحجّرٍ وتعلّقٍ بما أكل عليه الدهر وشرب من استنباطاتٍ بشريةٍ ليست إلا اجتهادٍ لزمنٍ وليس من شأنه أن يرقى للحكمة الإلهية ليصبح أزليا. ذلك أن تعاليم الإسلام صالحة لكل زمن ومكان؛ وهي لا تكون هكذا إلا إذ تطوّرت ودام الاجتهاد فيها أخذا، لا بحرف النص، بل بمقاصده، ولا حسب ما قرّره الفقهاء، بل ما يقرّه الاجتهاد الذي لا ينتهي. وهو في متناول كل من حسنت نيّته فخدم دينه، لأنه لا كنيسة ولا معبد في الإسلام. بذلك فهو دين كل عصر؛ وهو اليوم دين ما بعد الحداثة، إذ هي الزمن الراهن الذي أظلّنا.            
الإسلام التونسي دفاعا عن استقلال البلاد:
إنه من أوكد واجبات النخبة المفكّرة، بل والتي تسعى للحكم، التنبّه إلى أن الدين الذي يريده أهل الإسلام المنافق من حزب النهضة ومن لف لفه في الحكم لا يمت بصلة لا للإسلام التونسي ولا لدين محمّد؛ إنه مجرّد ما رسب من الإسرائيليات فأخذ به فقه لم يعد صالحا. وهو ما نراه يُطبّق في داعش؛ فهل نريد داعش على التراب التونسي؟ إننا نفعل إذا لم نقطع مع ما ينويه أهل الإسلام الدعيّ لتونس!
هذا ما على النخب التونسية العمل على إقناع الغرب به، وهو الساعي لخدمة مصالحه ببلادنا، أي أن دعمه لإسلام التزمت ليس في صالحه، إذ مصالحه في إسلامٍ تونسيٍ سمحٍ متسامحٍ ببلدٍ شعبه متفتّح  على الغير، له حقوقه وحرياته، ينتقّل بحرية في بلده وبينها وبين امتدادها الطبيعي الأوربي؛ فتونس وبلاد المغرب العربي الأمازيغي لأقرب لأوربا من إفريقيا كما بيّن ذلك هيجل، منارة الفكر الغربي. 
وهذا يفرض الانتهاء من فرض حزب النهضة على التونسيين، فهو لا يخدم إلا ظاهريا مصالح الغرب، إذ هو يجهّز لقلائل بالبلاد على المدى الطويل، لا تخدم البتة مصالح رأس المال الذي يبقى بحاجة أكيدة إلى الأمن، ما لا يمكن بحالٍ أن يحقّقه الإسلام الحالي الهجين المحارب. فليتّعظ الغرب بما حدث ويحدث بتركيا، إذ ستصبح تونس مثالا مصغّرا لها في أحسن الحالات، إن لم يحدث بها ما تعيشه ليبيا؛ وهذا أوفر حظا للوقوع، ويا للأسف، حسب ما نراه بالبلاد اليوم!
إن الخيار اليوم بتونس ليس إلا بين إسلامٍ تونسيٍ متفتّحٍ، يضمن كل الحقوق والحريات التي لا ترفضها ليبيرالية حقيقية، وبين إسلام متزمّت لا يسهر، مثل رأس المال المتوحش، إلا على مصالحه الخاصة، فلا أخلاق له ولا حقوق وحريات إلا لمن خدم نيّته في فرض قراءة هجينة لإسلام متوحّش محارب.        
نشرت على موقع أنباء تونس