Mon manifeste d'amour au peuple 2/3
 




Mon manifeste d'amour au peuple 3/3


I-SLAM : ISLAM POSTMODERNE








Accès direct à l'ensemble des articles منفذ مباشر إلى مجموع المقالات
(Voir ci-bas انظر بالأسفل)
Site optimisé pour Chrome

vendredi 22 septembre 2017

Épiphanie i-slamique 9

حديث الجمعة: رأس السنة الهجرية والتجذّر في الهويّة



الانفتاح الصحيح على الآخر هو أولا وقبل كل شيء تجذر في الثقافة الأم، إذ بانعدامها لا انفتاح حقيقي، بل مسخ للذات وضياع لها. هذا ما نعانيه اليوم ببلادنا، جرّاء تعنت البعض في رفض مقوّمات ذاتيتنا وهويتنا الأمازيغية العربية، فإذا هم أكبر السند لقوى التزمت الإسلاموي، إذ حُق لها عندها الدفاع عن ذاتية البلاد المهددة بالانحلال.  
أقول هذا غداة احتفالنا برأس السنة الهجرية 1439؛ فكم من تونسي يعلم أي سنة احتفلنا بها؟ وكم يعرف تعداد الأشهر تباعا أو حقيقية بداية تأريخ السنة الهجرية كما نذكّر به لاحقا؟
مظاهر تديّن خادعة :
الاحتفال كان لدى البعض الفرصة للأكل كالعادة؛ وعند البعض الآخر، للمراءاة في مظاهر التديّن، وكأن هذا يكفي لبيان أخذه بالدين الصحيح. كانت الفرصة أيضا للساسة لخرق الدستور القاضي بمدنية الدولة، فإذا الرؤساء الثلاثة يتزعمرن المراسم الرسمية للاحتفال، بينما لا دخل للدولة فيها، إذ الدين من المجال الخاص للمسلم. لذا، أقصى ما يجب على الدولة في بلادنا في هذه المناسبة هو تمثيلها من طرف المفتي أو وزير الشؤون الدينية. وإلا عليها أيضا، وعلى أقل تقدير، الاحتفاء والتمثيل في المناسبات الأخرى التي تهم الشعب، كالأعياد الأمازيغية التي لا زلنا نتجاهلها بينما هي من ثوابت هوية هذا الشعب، تماما كما هي الحال للتراث العربي الإسلامي.  
إن مثل هذا التظاهر الذي نرى عند أهل السياسة يأتي لا محالة للتغطية على الحال المزرية التي عليها أهم معالم هويتنا في بعديها الأمازيغي والعربي الإسلامي؛ بها يحاول الساسة التنصل من المسؤوية في عدم العمل على تصحيح مسار المسخ الحالي والحرص على الحد من الانبتات الذي نرى بإحياء تراثنا، لكن على قاعدة صحيحة لا كما يفعل أهل التزمت.    
فالحال المزرية التي عليها جهل غالبيتنا، وخاصة الناشئة، لتاريخهم العربي الإسلامي طبعا، وأيضا البربري الأمازيغي،  ليس لها أن تدوم، لأنها هي التي تغذي التزمت.
إنه لا مناص من تلافي الوضع الحالي والعمل على الكف عن كل تزمت؛ لا الإسلاموي فقط، بل وأيضا ذاك الذي مأتاه الانبهار بالغرب وحضارة الغرب وقد تهافتت في مادية لا حد لها أتت على الأخضر واليابس من مبادئها وأخلاقها التي قامت عليها، فهو الذي يجعلنا نرفض ماضينا جملة وتفصيلا، بينما لا مستقبل لمن لا ماض له.   
الاعتبار بماضينا على حاله:
لا بد لنا إذن، وهذا من حق هذا الشعب وواجب ساسته، إعطاء حق قدرها كل المناسبات الهامة من تاريخنا، أي المناسبات الدينية الإسلامية، وأيضا التواريخ الأمازيغية الأهم، كرأس السنة البربري. ولا يكون هذا فقط بالاحتفال الذي دأبنا عليه، من عادات أكل وشرب أو اجترار، بالنسبة للتاريخ الإسلامي، لما سئمنا سماعه من تذكير لوقائع عهد باد أصبحت اليوم أقرب للأسطورة منها للتأريخ. 
فلكأننا عُدمنا الدراسات في هذا الميدان، بينما قام أهل البحث والتاريخ منذ القديم، واليوم بصفة أكبر، بغربلة ماضينا مما شابه من هلوسة عند البعض وخداع عند البعض الآخر، همّه التغني بأمجاد كانت حقيقة، ولكن ولّى عهدها. فلا بد عدم الاكتفاء بالتذكير بها، بل خاصة تتبع كل ما تجاهلناه من الجانب الآخر من تاريخنا لأجل تأريخ متجدّد لتعود فيه الأمجاد فتكون حاضرة لا مجرد وهم لأجل اجترار ما لم يعد موجودا. فلا يتم هذا بالتمجيد، بل بالوقوف عند الجوانب القاتمة أو غير المعلومة من هذا التاريخ عند كل مناسبة تأتي، إذ هي الفرصة للتعلم والاعتبار.
 بالنسبة لرأس السنة الهجرية مثلا، يكون هذا ببيان أن بداية العام الهجري لم تتقيّد بالتاريخ الحقيقي للهجرة كما كانت. إنها إذ تبدأ كما نعلم، وكما هو منطقي،  أول محرّم، أي بداية أشهر التقويم العربي، فهي تخالف هجرة الرسول التي كانت في شهر ربيع الأول، أي قبل شهرين من هذا التاريخ الذي نعمل به منذ أن اعتمده الفاروق عمر؛ فكان ذلك منه من باب الاجتهاد والاصطلاح. مع العلم أيضا أن بداية محرّم كانت توافق تاريخ السادس عشر من شهر جويلية سنة 622، بينما يبيّن الحساب الفلكي أن الاقتران بين القمر والشمس، وهو الذي يمثّل بداية ظهور الهلال، تم في تلك السنة يوم الرابع عشر من جويلية على الساعة السابعة وست دقائق، لا يوم الخامس عشر؛ وهذا يعني أن بداية محرّم كان من شأنها أن تكون يوم  15 لا 16 جويلية كما اعتمده الخليفة عمر.   

نشرت على موقع أنباء تونس